الفصل الثاني : الركن الشرعي
و تطبيقات حول مسؤولية الأطباء
كما ذكرنا سابقا لأن الجريمة لا تقوم إلا إذا توافرت أركانها فيجرم الفعل الطبي في الجريمة الطبية إلا إذا كان هذا الفعل يمس بسلامة جسم المريض و هذا حسب ما جاء في القانون فتقوم المسؤولية الطبية من خارج الطبيب المعالج على مسلك الطبيب العادي و لكن متى تنتفي هذه المسؤولية؟ و متى تثبت ؟
المبحث الأول : الركن الشرعي و إثبات الخطأ الطبي
بما أن الركن الشرعي للجريمة جاء تعريفه على أنه نص التجريم الواجب التطبيق على الفعل ، أو بعبارة أخرى النص القانوني الذي يبين الفعل المكون للجريمة و يحدد العقاب الذي يفرضه على مرتكبها استنادا إلى أن العمل الضار بالمصالح الاجتماعية لا يعتبر جريمة إلا إذا وجد في قانون العقوبات نص يطابق معد، أو حتى في النصوص التنظيمية الخاصة ، و يعطيه صفة عدم المشروعية، و بهذا المعنى يصبح أمرا ضروريا لقيام الجريمة، إذ بانتفائها تنتفي الجريمة،و لذا فهو ركن من أركانها دون إغفال أسباب الإباحة التي تجعل الفعل مباحا و أن تطابق مع نص التجريم فالمشرع الجنائي يجرم أفعال المساس بسلامة الجسم في صورة الضرب أو الجرح أو إعطاء مواد ضارة فإن الأعمال الطبية و الجراحية تتطابق مع النموذج القانوني لجرائم المساس بسلامة الجسم و مع ذلك فإن أحكام القانون لا تسري و التي خاصة بالضرب و الجرح على الطبيب أو الجراح ما إضطر و هو يزاول مهنته إلى التعرض لأجسام المرضى بالإذاء قصد شفاء المريض و ترخيص العمل الطبي يحول دون مسؤولية الطبيب .
إلا أن أسباب الإباحة لا تعني إعفاء الطبيب من المسؤولية مطلقا ، حيث تقوم المسؤولية الجنائية متى ارتكب الطبيب خطأ طبي و مهما كان نوعه و الذي يؤدي إلى الخروج على مسلك الطبيب العادي برعونته أو إهماله و عد مراعاة للقوانين و اللوائح و بذلك يكون الضرب أو الجرح جريمة واقعة من الطبيب –متى ثبت الخطأ و الضرر و رابطة السببية- يعاقب عليها القانون و بذلك تتطابق مع النموذج القانوني . و بناءا على ذلك و عند قيام مسؤولية الطبيب، فعلى من يقع عبء الإثبات ؟ و لتأكيد مسؤولية الطبيب ما هو الشيء الذي يثبته المريض؟ و متى تنتفي هذه المسؤولية؟
المطلب الأول :عبء الإثبات
طبقا للقواعد العامة فان المجني عليه (المريض)، هو الذي يقع عليه عبء اثبات عناصر المسؤولية الطبية،من خطأ و ضرر وعلاقة السببية وإن كان إثبات الضرر يعد أمر لا يثير كثيرا من الصعوبات،إلا أن الأمر يختلف فيما يتعلق بإثبات الخطأ ورابطة السببية.
الفرع الأول : إثبات خطأ الطبيب
إن هذا الأمر يختلف و لا شك حسب طبيعة الالتزام الذي يلتزم به الطبيب ، فالمبدأ العام هو أن الطبيب يلتزم ببذل عناية مما يترتب عنه على المريض إثبات عدم وفاء الطبيب بالتزامه إقامة الدليل على إهمال الطبيب أو انحرافه عن الأصول المستقرة في المهنة أي أن عدم تطابق سلوك الطبيب مع سلوك طبيب آخر مماثل في نفس المستوى ، و ذلاك مع الأخذ في الاعتبار الظروف الخارجية المحيطة به.
أما عن الحالات التي يلتزم فيها الطبيب بتحقيق نتيجة، فإنه يكفي لإقامة مسؤولية الطبيب إثبات الإلتزام الذي يقع على عاتقه ، بالإضافة إلى حدوث الضرر. و هذه الحالات عديدة منها التزام الطبيب بضمان سلامة المريض من كل ضرر آخر غير الضرر الذي يمكن أن ينتج عن الطبيعة الاحتمالية للعلاج أو الجراحة . و ذلك مثل حالات الأمصال ، تركيب الأجهزة الصناعية و الأسنان و كذلك نقل الدم ، فمجرد إثبات الضرر في مثل هذه الفروض يكفي لانعقاد مسؤولية الطبيب أو المستشفى على حسب الأحوال ، و لا يستطيع الطبيب أن يدرأ هذه المسؤولية إلا بإثبات السبب الأجنبي أو بإثبات الضرر الذي لحق المريض أو الغير ، فهو بذلك ينفي رابطة السببية بين فعله و الضرر الواقع للمريض، و ينبغي الإطلاع على بعض الحالات التي يتجه فيها القضاء إلى التشديد في مسؤولية الأطباء و ذلك كالعمليات الجراحية التي لا تستلزمها ضرورة علاجية عند المريض كعمليات التجميل حيث قضت محكمة النقض بصدد عملية التجميل ، بأنه إذا كان التزام الطبيب يبذل عناية إلا أنه يكفي على المريض إثبات واقعة ترجح إهمال الطبيب ، فالحكم يقيم قرينة قضائية لمصلحة المضرور على عدم تنفيذ الطبيب لالتزامه ببذل عناية و كذلك بالنسبة للعمليات العادية التي نظرا لوقوعها على محل محدد تحديدا دقيقا، فإنها لا تحمل أي صعوبة بالنسبة للطبيب العادي ، و لا تتضمن عنصر الاحتمال اللصيق بغيرها من الأعمال الطبية و ذلك كعمليات الختان التي لم يعد يسودها الطابع التجريبي ، فهي لا تتضمن أي إحتمال لأنها محددة تحديدا دقيقا و أصبحت من العمليات التي بلغت فرص نجاحها حدا تتلاشى بجواره احتمالات فشلها .
الفرع الثاني : إثبات رابطة السببية
إن القضاء يتجه بصفة عامة إلى إلقاء عبء الإثبات على عاتق المريض، فعليه إثبات أن خطأ الطبيب هو الذي تسبب في إحداث الضرر، فبمجرد نسيان قطعة من الشاش أو الضماد في جوف المريض لا يكفي للقول بأنه السبب في كل الأضرار الناجمة للمريض ، ما لم يثبت أن ذلك قد أدى إلى إلتهاب الجرح أو سوء حالته، إلا أن القضاء يقيم قرينة لصالح المضرور، إذا كان من شأن الخطأ أن يحدث عادة مثل هذا الضرر و على المسؤول نفي هذه القرينة .
فمتى أثبت المضرور الخطأ و الضرر، و كان من شأن ذلك الخطأ أن يحدث عادة هذا الضرر فإن القرينة لا توفر علاقة السببية بينهما تقوم لصالح المضرور، و للمسؤول نقض هذه القرينة بإثبات أن الضرر قد ينشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه، و إن كان إلتزام الطبيب هو بذلك عناية خاصة و المريض أنكر على الطبيب بذل العناية الواجبة فعبء إثبات ذلك يقع على المريض، فإن أثبت هذا الأخيرة واقعة ترجح إهمال الطبيب، كإثابته أن الترقيع الذي أجراه جراح التجميل في موضع الجرح،و الذي نتج عنه تشوه ظاهر بجسمه لم يكن يقتضيه السير العادي لعملية التجميل وفقا للأصول الطبية، فالمريض يكون قد أقام قرينة قضائية على عدم تنفيذ الطبيب لالتزامه ، فيتعين هنا على الطبيب لإبعاد المسؤولية عليه إثبات قيام حالة الضرورة التي اقتضت إجراء الترقيع و التي من شأنها أن تنفي عنه الإهمال.
المطلب الثاني : سلطة القاضي في تقدير عناصر المسؤولية
تقوم مهنة الطب على التمحيص و التجارب، و هذا ما أدى في كثير من الأحيان إلى تضارب الآراء و النظريات فيها، لذلك فمن الطبيعي أن تكون مسؤولية الأطباء قائمة على الأخطاء القابلة للإدراك و التقدير و مبنية على الأسس و القواعد العلمية الثابتة التي لا خلاف فيها بين الأطباء، لذلك لا يجوز أن يعد الطبيب مسؤولا عن تصرفات إختلفت فيها الآراء الفنية، بمعنى أنه تمنع القضاء عن النظر في المسائل النظرية و المناقشات العلمية لتقدير المسؤولية الطبية، غير أن ذلك لا ينفي أن للقضاء سلطة واسعة في تقديرها، بحيث لا يحكم القاضي منفردا في القضايا الطبية بل سيتعين بالخبرة عند الحاجة.
و هذا ما استقر عليه قضاء محكمة النقض ومها المحكمة المصرية في حكمها الصادر في 20/05/1965 م على أن تحقق حصول الفعل أو الترك أو عدم حصوله بعد من الأمور الواقعية التي تدخل في سلطة قاضي الموضوع، و لا معقب لتقديره، إلا أن وصف الفعل أو الترك بأنه خطأ أو غير خطأ يعد من المسائل القانونية التي يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض .
فاستخلاص الخطأ الموجب للمسؤولية يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضع ، ما دام هذا الاستخلاص سائغا و مستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، لكن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض، فإنه يعد من المسائل التي يخضع قضاء هذه المحكمة فيها لرقابة محكمة النقض، أما قيام رابطة السببية بين الخطأ و الضرر، فهو من المسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب ما لم ينسب حكمها عيب في التسبيب ، فيجب أن تستخلص المحكمة الخطأ من وقائع ثابتة منتجة تذكرها في الحكم ، و إلا كان حكمها باطلا لقصور أسبابه، و هذا ما قضت به محكمة النقض المصرية في حكمها الصادر في 25/04/1972م .أما عن ركن الضرر ، فإن استخلاص بنوتها و نفيه بعد من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع مادام الدليل الذي أخذ به في حكمه مقبولا قانونا، و لكن يجب أن يذكر الحكم ما هو الضرر الذي أصاب المدعي، و إلا اعتبر التسبيب قاصرا، و بتطبيق المبادئ العامة في نطاق المسؤولية يتضح لنا مايلي:
- أن عبء إثبات خطأ الطبيب يقع على المريض، فلا يحق لقاضي الموضوع أن يقوم بإثبات ما يجب على المريض إثباته، بل يقوم بالتحقيق من حدوث الوقائع التي أثبتها المضرور.
- لقاضي الموضوع السلطة المطلقة في استنباط القرائن القضائية التي يعتمد عليها في تكوين عقيدته، فلا رقابة علي فيما يحصله من بينة(شهادة الشهود) و لا فيما يتناوله من قرائن، و له أن يأخذ بما يطمئن له تاركا ما عداه، و لو كان محتملا من أقام قضاءه على أسباب سائغة .
- و إن كان من السهل على القاضي أن يتبين بنفسه خطأ الطبيب فيما يتعلق بأعماله العادية، إلا أن ذلك يبدو عسيرا بالنسبة للأعمال الطبية التي تنتمي إلى الفن الطبي، لذلك فإن للقاضي أن يستعين في هذا الصدد بأهل الخبرة، فله أن يندب خبيرا أو أكثر لتحقيق الواقع في الدعوى ، و إبداء الرأي في المسائل الفنية التي يصعب عليه استقصائها بنفسه.
و لهذا سوف نتطرق إلى الموضوعات التي تستدعي تدخل الخبير في فرع أول، ثم نعرض مسؤولية الطبيب عن تابعيه إذا أثبتوا تقصير الطبيب في فرع ثاني .
الفرع الأول : الاستعانة بخبير
بما أن الخبرة هي ذلك الإجراء الذي يكون الغرض منه جمع معلومات و مهارات شخص لتوضيح مسائلة يحتاج حلها إلى خبرة فنية،و لا يملكها القاضي،إذ ليس باستطاعة العدالة الجنائية تأدية دورها على الوجه الأكمل في بعض الأحيان دون الإستعانة برأي الخبراء، فالخبرة في المسائل على وجه التحديد ضرورة في الكثير من الأحيان و ذلك لتنويع المسائل الفنية وغير المحدودة المعروضة على القاضي الجنائي، والتطور الفني الهائل في وسائل ارتكاب الجريمة واختلاف مجال كل من القاضي والخبير، فالقاضي يعمل للمحافظة على المجتمع و الدفاع عنه بمحاربة الجريمة و عقاب الجاني، كما لا يجوز له أن يصدر حكمه بناء على ما عنده من معلومات في حين أن الخبير أكثر دراية في المجال الطبي فيسعى إلى تطبيق قواعده العلمية لاكتشاف أبعاد الجريمة الموضوعية أو الشخصية الإجرامية للجاني، و مدى مسؤولية عن الجريمة التي ارتكبها فقط دون تفكير بعواقب هذه الجريمة على المجتمع .
فالقاضي الجنائي قبل أن يصدر حكمه يتقصى في الوقائع المعروضة أمامه، فإن لم يستطيع ذلك يستعين بطبيب آخر و هو الخبير الذي يساعد القاضي بواسطة تقريره الذي يعده عن الوقائع و الأبعاد الموضوعية التي تخفي الموضوع كالضرر، و الشخصية التي تخص علم و دراية الطبيب الجاني كأسلوب العلاج مثلا فيما لو كان من الأصح إتباعه أم لا.
فالخبرة هي من أهم وسائل الإثبات تهدف إلى التعريف على الوقائع المجهولة من خلال الوقائع المعلومة، فالخبرة وسيلة إثبات خاصة تنقل إلى الدعوى دليلا يتعلق بإثبات الجريمة أو إسنادها بكل موضوعية إلى الطبيب المهتم، إذ تبين تقصير حيث يتطلب هذا الإثبات معرفة و دراية لا تتوافر لدى عضو السلطة القضائية المختصة، نظرا إلى طبيعة ثقافية و خبراته العلمية.
كما قد يتطلب الأمر إجراء تجارب علمية أو أبحاث خاصة تستلزم وقتا لا يتسع له عمل القاضي أو لا يختص فيه مثل إجراء تشريح للجثة لمعرفة سبب الوفاة ، فإذا ادعى المجني عليه أو ورثته بأن الوفاة حدثت بخطأ من الطبيب، كأن تكون حالة الوفاة سبب أسلوب علاج الطبيب و رعونته أو عدم إلمامه بالقواعد الثابتة المستقر عليها طبيا، هنا القاضي له أن يطلب تعيين الخبرة لأنه ضروري لمعرفة حقيقة الادعاءات فكلها و غيرها أخطاء طبية ذات طبيعة فنية بحتة لا تمت إلى القاضي بصلة، فيقوم الخبير بتطبيق المبادئ العامة و القواعد العلمية و الفنية و التجريبية على الحالة المعروضة أمامه ليستخلص من ذلك أما سلامتها من الوجهة الصحية أو الإصابة بمرض أو اختلال معين .
كما يتناول عمل الخبير بيان طبيعة الحال، و أسلوب العلاج الأكثر ملائمة لتحقيق أفضل مصلحة للمريض، و القاضي هنا يتعذر عليه أن يصل إلى تطبيق سليم لمدى صحة عمل الطبيب الفني و ينبني على ذلك أنه لا يستطيع أن يخالف رأي الخبير الفني و له أن يستعين برأي أكثر من خبير أو أن يأمر بإعادة مهمة الخبير حتى يصل إلى الاقتناع، أما في الحالات العادية أو الموضوعية التي لا تتطلب فيها الاستعانة بالخبراء لتقديرها بسبب وضوحها و ثباتها، و إثبات خطأ الطبيب و الضرر التي حدث للمريض و علاقة السببية بين الخطأ و الضرر، و تقصير الطبيب أو إهماله أو حياده عن مسلك الطبيب العادي الذي في مستواه، أو عدم التزامه الحيطة و الحذر اللازمين لعلاج مريض في حالة المريض المضرور، و علـــى هـــــــذا تقــــــوم قرينة لصالح المريض يقع على الطبيب اثبات عكسها، فإذا قام بذلك لظروف خارجة عن إرادته تنتفي المسؤولية و إذا لم يستطيع إثبات أي من عناصر المسؤولية لصالحه فتقوم المسؤولية الجنائية على عاتقه، و للقاضي السلطة التقديرية في تقدير العقوبة ، و هذا ما قضت به محكمة وهران في حكمه الصادر في 25 مارس 2002 ، الذي قضى بــ 6 أشهر سجن نافذة و غرامة مالية 5000 دج على طبيب عيادة الوفاء بوهران إثر تعيين خبرة.
الفرع الثاني : مسؤولية الطبيب عن تابعيه
لا يجوز مساءلة الشخص جنائيا عن فعل الغير ، بل كان شخص يحاسب عن الخطأ الواقع منه هو ذاته، إذن فالطبيب لا يسأل جنائيا عن فعل يقوم به مساعده أو تلميذه أو ممرضة إلا أنه يسأل وحده دون أي منهم إذا لم يكن أي من هؤلاء إلا منفذ الأوامر الطبيب و لم يقع من أحدهم خطأ ما. أما إذا وقع خطأ عن كل واحد منهم في أدائه اختصاصه فإن كلا منهم يكون مسؤولا في حدود اختصاصه .
تطبيقا لهذه القواعد، فإن المنفذ لأوامر خاطئة للطبيب لا يعد مرتكبا لخطأ ما يسأل عنه ، بل الذي يسأل عن الخطأ و الضرر هو الطبيب وحده كتكليفه شخص غير حائز على المؤهلات الطبية بإجراء عمل طبي أو حتى لم يتمرن جيدا على العمل الطبي .
كما يسأل الطبيب كذلك عند أمر بإجراء تعديل على رسغ مكسور دون أن يعنى بفحص كان الخطأ من لممرض ، و لكن العمل يحتاج إلى توجيه و رقابة من الطبيب ، إلا أنه أهمل في توجيهه و وقع الخطأ نتيجة هذا الأمر و بالأخص إذا كان العمل الذي يقوم به الممرض على جانب من الخطورة ، يقتضي من الطبيب أن يتأكد بنفسه من سلامة أداءه . كما يسأل أيضا فيما لو أن الأمر يحتاج لمزيد من العناية و الإشراف و المراقبة، إذا كان الممرض اعتاد الإهمال ، كما يسأل عن الأخطاء العادية و ليست الفنية التي تقع من تابعيه، و في جميع الأحوال فإن الحكم بمسألة الطبيب عن خطأه لاشك يمنع من الحكم على المساعد أو الممرض مما يعق من خطأ في دائرة الاختصاص .
المطلب الثالث : إعفاء الطبيب من المسؤولية
متى يعفى الطبيب من المسؤولية الجنائية عند توافر عناصرها؟ ينص قانون العقوبات على عقاب من يتسبب في قطع أو انفصال عضو أو فقد منفعته أو كف بصره أو فقد لإحدى العينين أو عجز لمدة محددة الأشغال الشخصية إلى فترة طالت أو قصرت, و لا شك في أن مزاولة الأعمال الطبية و الجراحية التي يقوم بها الطبيب تتطلب المساس بسلامة جسم الإنسان, فحص جسم المريض و إعطائه مواد مخدرة, و إجراء الجراحة و نزع أجزاء جسمه أو دمه لإجراء التحاليل, و هذه الأفعال إذا قام بها الشخص العادي تشكل جرائم, و إذا أدت إلى الوفاة يعاقب الشخص بعقوبة الضري المقضي إلى الموت. و لكن بالنسبة للطبيب من المستقر عليه أن هذه الأفعال مباحة في المجال الطبي, لأنها تحقق مصلحة المريض غير أن الطبيب إذا خرج عن سلك الطبيب العادي بتقصيره أو لامبالاته أو دعوته, أو إهماله أو إحدى صور الخطأ التي مررنا بها سابقا, و خلف ذلك ضررا جسيما كان أو يسيرا, و قامت علاقة السببية بين الخطأ و الضرر , فإن المسؤولية الطبية تقوم إذا لم يستطع الطبيب أن يثبت إعفاءه منها لسبب من الأسباب و يعاقب على نوع الجريمة المرتكبة, و لهذا لا بد من توفر إحدى الشروط سواء كانت شخصية أي تخص الطبيب و نتطرق لها في الفرع الأول , أو كانت موضوعية أي محيطة بالطبيب أثناء ممارسته لمهنته و نتطرق لها في الفرع الثاني .
الفرع الأول : الشروط الشخصية
و هي الشروط التي تتوفر في الطبيب و التي تدرأ عنه المسؤولية الطبية و هي كالتالي:
أولا: قصد العلاج
إن الغاية من مزاولة العمل الطبي و الجراحي هي علاج المريض و تحسين حالته الصحية, لذلك يجب أن يكون التدخل الطبي أو الجراحي بقصد العلاج, و لهذا ينبغي توافره للإعفاء من المسؤولية الجنائية, و كذا سبب من أسباب الإباحة لأن جسم الإنسان من النظام العام و حمايته أمر يقتضيه الصالح العام, لهذا لا يجوز الخروج عن هذا الأصل, إلا إذا كان فعل المساس بسلامة الجسم يحقق فائدة للمريض ذاته بإنقاذه أو علاجه من مرض ألم به.
أما إذا انصرف تدخل الطبيب إلى غرض آخر فإن فعله يخرج من دائرة الإباحة إلى دائرة التجريم فيعد مرتكبا لجريمة يعاقب عليها القانون على أساس العمد, و بالتالي قيام المسؤولية الجنائية مثال: قيام الطبيب بإجراء عملية بتر عضو من أعضاء جسم الإنسان بقصد تسهيل تخليصه من الخدمة العسكرية, و حتى لو تم برضاء المجني عليه أو بناءا على طلبه.
ثانيا: إذن القانون (الترخيص)
إذن القانون أو ترخيص القانون بممارسة العمل الطبي هو سبب من أسباب الإباحة المنصوص عليها في قانون العقوبات الجزائري, لا جريمة إذا كان الفعل قد أمر به أو أذن به القانون, و هو ترخيص تمنحه جهة إدارية مختصة لكل من حصل على الإجازة العلمية التي يعد طالبها مباشرة مهنة الطب, و هذه الإجازة هي أساس الترخيص القانوني قبل مزاولة المهنة , إذا فهو شرط أساسي لإباحة العمل الطبي فمن لا يملك هذا الترخيص طبقا للقواعد التي تنظمها قوانين و لوائح مزاولة مهنة الطب, يسأل عما يحدثه للغير من جروح باعتباره متعديا على أساس العمد , سواء تعلق الغرض الذي قصده بشفاء المجني عليه أم لم يتحقق.
أما إذا لم يتعمد الجاني إحداث الجرح يسأل عن جريمة غير عمدية , و تجدر الإشارة إلى أن الترخيص قد يكون عاما بمباشرة كل الأعمال الطبية, و قد يكون خاص ببعضها فقط مثل القابلات. و الطبيب المرخص له بممارسة عمل طبي تسقط عنه المسؤولية , وكذلك الطبيب المختص يجب أن يكون مرخصا له بممارسة اختصاصه, فإذا مارس إختصاص ليس من اختصاصه تقوم المسؤولية الجنائية.
ثالثا: مراعاة الأصول الطبية
يجب أن لا يقع أي إهمال أو خطأ من الطبيب أثناء قيامه بواجبه و مهنته و أن يراعي الأصول و قواعد المهنة, و يحترمها و يقدسها , فإذا أثبت أنه قام بكل ما في وسعه القيام به مراعيا بذلك تلك الأصول التي استقر عليها الطي دون أدنى تقصير أو إهمال يعفى الطبيب من المسؤولية الجنائية. و لكن يسأل جنائيا إذا أثبت أنه أظهر جهلا فاحشا أو خطأ جسيم لا يقع فبه الطبيب العادي , كأن يضاعف كمية المادة المخدرة , أو يقللها تصيب المريض بآلام مبرحة تؤدي إلى عجزه أو وفاته .
الفرع الثاني : الشروط الموضوعية
و هي العوامل المحيطة بالطبيب أثناء مزاولته لمهنته , فإذا توافرت إحداها يعفى الطبيب أو الجراح من المسؤولية الجنائية , و هي كالتالي :
أولا : حالة الضرورة
ترجع حالة الضرورة إل قانون العقوبات كسبب من اسباب انعدام المسؤولية فلا عقاب من ارتكب جريمة ألحت على ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيرة من خطأ جسيم على النفس , أو على وشك الوقوع به بغيره , و لم يكن لإرادته دخل في حلوله و لا في دفعه مثال ذلك الطبيب الذي يحصي بالجنين لانقاض الأم .
ثانيا: مشروعية الغرض
يقرر بعض الشراح أن أعمال الجراحة تعتبر أعمالا مباحة لأنها وسيلة لمنع أمراض خطيرة يبذل المشرع جهده في اتقائها .
وتماشيا مع القاعدة فان هناك طائفة من الأعمال تعد مشروعة , ولو أنها في الأصل اعتداءات على حقوق يحميها القانون فالأعمال الطبية التي تقضي الاعتداء على سلامة الجسم البشري ,مادام الغرض منها الشفاء من مرض أو الوصول إلى تشخيصه, فهذه الأعمال تجري التحقيق في هذا الغرض و ثم تكون مباحة .
ثالثا: رضا المريض
إن وجود العقد الذي يربط بين الطبيب و المريض هو الذي يعفي الطبيب من المسؤولية عن الأضرار التي يسببها له عند مزاولته العادية لمهنته , و المريض يتقدم إل الطبيب الذي يقوم بعلاجه بما يقضي به الحكمة و الأصول فإذا نفذ الطبيب التزامه بغير خطأ منه و لا تقصير فلا مسؤولية عليه و لا يترتب على المعالجة ضرر بالمريض فأساس الإعفاء عن المسؤولية في العلاج يرجع إلى رضاء الشخص , هذا في الحالات العادية, غير أنه هناك حالات يفترض فيها الطبيب الرضاء فيجري العلاج مباشرة كما في حالة المريض الغائب عن الوعي , و عدم تواجد أهله إلى جانبه, كما أن هناك أصول كثيرة لا يكون فيها لرضاء المريض أو رغبته و أهله وزن في إجازة العلاج , فيحدث هذا الأخير دون إرادة المريض و دون أن يترتب عليه أي مسؤولية , و إذا اضطرونا إلى اعتبار عمل الطبيب غير جائز في الأحوال التي يقوم فيها بمعالجة رجل شرع في الانتحار فأصيب بجـروح و لم يمت ففي هذه الحالة لا يوجد صراحة و لا ضمنا , و من هنا نجد أن رضا المريض قد يكون عنصرا مهما لنفي المسؤولية و لكنه لا يصلح لأن يكون سببا لإباحة العمل الطبي .
المبحث الثاني : تطبيقات حول المسؤولية الجنائية للأطباء
إن الالتزام الذي يقع على عاتق الطبيب هو التزام ببذل عناية بقدر المستطاع لتوفير أقصى قدر من الرعاية الصحية , طبقا لمعطيات العلم , و التجارب و الخبرات المختلفة , و بما أن مهنة الطب احتمالية و ليست مؤكدة , فلا تلتزم بقاعدة عامة هي الشفاء و لكن بشرط أن يبذل جهودا صادقة , يقظة متفقة في غير الظروف الاستثنائية مع الأصول العلمية في علم الطب .
و لهذا يسأل عن كل تقصير في مسلكه لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس ظروف الطبيب المسؤول , و بذلك تقوم المسؤولية الجنائية و توقع العقوبات حسب نوع الجريمة المرتكبة من الطبيب , و لهذا حاولنا تقسيم بعض الجرائم و تصنيفها .
المطلب الأول : مسؤولية الطبيب عن الأفعال التي تعد جرائم
يتعرض الطبيب للمسؤولية الجنائية عند مخالفته للأنظمة و اللوائح و التعليمات الصادرة ينظم مزاولة المهنة , أو المنصوص عليها في قانون العقوبات سواء حدث ضرر للمريض بسبب هذه المخالفة أو لم يحدث , و سنتناول في الشأن مجموعة من الأفعال التي تعتبر جرائم , يسأل مرتكبها و يوقع عليه عقوبة جنائية سواء كان طبيبا أو غير ذلك .
الفرع الأول : مزاولة العمل الطبي دون ترخيص
إن أساس إباحة عمل الطبيب , و إن نجم عنه أفعال مجرمة قانونا هو حصوله على ترخيص بمزاولة العمل الطبي , و عليه يشترط لقيام جريمة مزاولة مهنة الطب دون ترخيص أن يتولى العلاج شخصا ليس من المرخص لهم به , و هكذا أن يحدث جرحا بجسم الغير كما لو أجرى له عملية جراحية أو إعطاءه حقنة , و في هذه الحالة تقوم جريمة العمد , و الحكمة من ذلك هو الحفاظ على صحة المواطنين , و صونها من عبث الدخلاء على هذه المهنة , إذ ليس لهم من مقومات الاعتداء الفني ما يؤهلهم لمباشرة تلك المهنة , و إن وفقوا في العلاج مرة يخفقون مرات , على أن مجرد ممارسة العمل الطبي دون ترخيص يكون في حد ذاته جريمة و لو لم ينشأ أي جرح أو ضرر من هذا العمل , كما يمنع أي طبيب منع من مزاولة مهنته من إجراء الفحوص أو العمليات .
يستثني القانون من مزاولة العمل الطبي دون ترخيص , إذا كان من مراس العمل في حالة ضرورة في هذه الحالة لا يعد فعلا مجرما , و لكن إذا كان الطبيب يسأل جنائيا إذا مارس عملا طبيا دون مراعاة أصول المهنة فمن باب أولى يعتبر سلوكه أساس المسؤولية الجنائية و يمكن أن يؤدي خطؤه إلى درجة الوفاة , و قد تطلب المشرع لقيام الجريمة قيام ركنيها المادي و المعنوي .
أولا : الركن المادي
يتمثل في قيام الشخص غير مرخص له بممارسة مهنة الطب بممارسة أحد الأعمال الطبية من فحص و تشخيص أو علاج أو أي عمل آخر منصوص عليه في قانون المهنة الطبية , إذ أن المشرع اشترط لتوافر الركن المادي أن يأتي الشخص أي فعل من أفعال الممارسة غير المشروعة على وجه الاعتياد أو الاستمرار , و إن ارتكاب الشخص لمثل هذه الأعمال مرة واحدة لا يكفي لقيام الركن المادي لجريمة مزاولة مهنة الطب دون ترخيص , و ليس بالضرورة أن يقوم الشخص بعلاج أكثر من مريض , و إنما يكفي لقيامه علاج مريض واحد على وجه الاستمرار, و هذا ما نجده في عملية الختان لأن هذا الفعل يعد جرحا يمس بأنسجة الجسم , مما يؤدي إلى تمزيقها من الخارج و من ثم تقوم مسؤولية الخاتن من غير الأطباء لأن تصرفه هذا من شأنه المساس بجسم المريض دون أن يسوغ له القانون ذلك و كذلك الشأن بالنسبة لوضع مساحيق و المراهيم المختلفة على مواضع الحروق من قبل شخص غير مختص بذلك .
ثانيا الركن المعنوي
يتمثل في توافر القصد العام لدى الجاني , أي توافر علم الجاني على أن فعله من عداد الأعمال الطبية المنصوص عليها في مزاولة مهنة الطب , أو قائمة الأعمال الطبية التي لا يجوز له القيام بها لعدم حصوله على ترخيص بمزاولتها , و إتجاه إرادته إلى القيام بهذا الفعل على وجه الاعتياد دون حصوله على ترخيص القانون للقيام بمثل هذه الأعمال .
و لهذا فقد وضع المشرع الجزائري عقوبات جزائية متعلقة بهذه المزاولة غير الشرعية للطب , حيث جاء في قانون العقوبات على أنه تطبق العقوبات المنصوص عليها في المادة 243 من قانون العقوبات على الممارسة غير الشرعية للطب و جراحة الأسنان و الصيادلة و مهن المساعد الطبي , و نفس الأمر تضمنته مدونة أخلاقيات الطب .
الفرع الثاني : جريمة الإجهاض و تزوير الشهادات الطبية
أولا : جريمة الإجهاض
الإجهاض أو الإسقاط هو إنزال الحمل ناقصا قبل إكتمال نموه أي قبل تمام الشهر السادس , و بعد هذه المدة يصبح الإجهاض مقرونا بجريمة قتل المولود باعتبار أن الجنين يكون قابلا للعيش لو تمت ولادته بعد الشهر السادس (الولادة المبكرة) و قد يكون الإجهاض تلقائيا حيث يتم خروج محتويات الرحم دون إرادة الإنسان بصورة عفوية كنتيجة لأمراض تصيب الأم أو الجنين مثل أمراض الكلي , التهابات و أورام الرحم ... إلخ , أو يكون إراديا و ينقسم الإرادي إلى علاجي و جنائي و ما يهمنا هو الجنائي الذي يتم عن طريق العنف المتعمد , أو الإجهاد أو تناول بعض العقاقير التي تساعد على انقباض عضلة الرحم مباشرة مثل الكنيا و الرصاص ... أو بطريقة غير مباشرة كتناول بعض المواد السامة للجسم و التي تؤدي إلى موت الجنين .
و قد شدد المشرع الجزائري في المتابعة الجنائية عن الإجهاض , حيث نص عليه في قانون العقوبات بأنه يعاقب كل من مرتكبه و المحرض عليه , و الشروع فيه مهما كانت الوسيلة المستعملة , و موافقة الحامـل أو بـدون رضاها , و سواء كان الحمل مؤكدا أو محتملا , كما توسع في مجال المسؤولية ليشمل التواطؤ في الجريمة إلى مجرد إعطاء معلومة أو وعود بالإجهاض , و هكذا فإن تسليم وصفة طبية يحتوي على عقار معروف بمفعوله المجهض يعتبر تواطؤ, و تقتضي هذه الجريمة أن نتعرض لأركانها .
01. الركن المادي :
يتمثل في إتيان سلوك إجرامي يتمثل في فعل الإجهاض , الذي يترتب عليه آثار يجرمها القانون , و هي عادة خروج الجنين قبل موعد ولادته الطبيعية مع توافر رابطة سببية بينهما , و هو كل حركة إرادية يؤديها الجاني بهدف فصل الجنين عن بطن أمه , الذي يستمد منه حياته .
02. الركن المعنوي
تعتبر جريمة الإجهاض من الجرائم العمدية التي يتطلب المشرع لقيامها توافر القصد الجنائي لدى الطبيب , أي إرادة تحقيق الجريمة مع العلم بأركانها , و هي إنزال الجنين قبل الميعاد المحدد من المرأة الحامل , و لا أثر لرضا المجني عليها في قيام هذه الجريمة , و حتى و لو طلبت من الطبيب إجهاضها فإن مسؤوليته قائمة.
03. الركن المفترض
فلا يقع الإجهاض إلا على إمرأة حامل و في أوقات الحمل , و الحمل هو البويضة الملقحة بين الذكر و الأنثى , و التي يتكون منها الجنين شيئا فشيئا إلى أن تتم الولادة الطبيعية.
ثانيا : جريمة تزوير الشهادات الطبية
إن جريمة تزوير الشهادات الطبية من الجرائم العمدية , ففيها يحرر الطبيب شهادة طبية لا تعكس الحالة الصحية الحقيقية للمريض , و الجريمة هنا جريمة تزوير لذلك يجب أن تتوافر فيها الشروط العامة التي يجب أن تتوافر في جريمة التزوير , و إن كانت هذه الجريمة من حالات التزوير المعنوي , كما يجب لقيام هذه الجريمة توفر مايلي :
1. اصطناع شهادة باسم طبيب أو جراح (الركن المادي)
أي أن تصدر الشهادة من طبيب أو جراح مرخص له بمزاولة مهنة الطب و الجراحة فعلا وفقا لقوانين المنظمة لهذه المهنة , و ينبغي كذلك أن يكون الشهادة المصطنعة مثبتة لعاهة بنفس الجاني أو غيره , و طبقا للرأي السائد يسري النص و لو كانت العاهة حقيقية و لا وهمية , لأن فعل الاصطناع يتطلب في حد ذاته تغييرا للحقيقة بوضع إمضاء مزور , و لأن الضرر يتحقق بخداع السلطة العمومية و الإخلال بالثقة المستمدة من صدور الشهادة من طبيب أو جراح .
و لا يسري النص لو كانت الشهادة مبنية لأمر كاذب لا يعد عاهة , و لا مرض كالسن أو سلامة البنية أو الصلاحية لخدمة معينة, حيث أدرج المشرع الجزائري أفعال معينة الواقعة من طبيب أو جراح كتقرير كذبا بوجود أو إخفاء وجود مرض أو علامة , ذلك بإعطاء بيانات كاذبة عن مصدر مرض أو عاهة.
2- القصد الجنائي (الركن المعنوي):
إن يتوافر لدى الجاني قصد جنائي , بأن يكون عالما بأنه يثبت في الشهادة ما يخالف الحقيقة, فإذا كان قد أثبت وجود المرض أو ما إليه على خلاف الحقيقة نتيجة لجهله بالواقع أو لنقص تكوينه الفني أو نتيجة إهمال منه في تحديد الحقيقة فلا جريمة في فعله , و لقد عاقب المشرع الجزائري و جرم فعل الطبيب أو الجراح في حالة التزوير المهني المعنوي بالإدلاء ببيانات مغايرة للحقيقة .
معنى ذلك أن يكون الغرض من اصطناع الشهادة المزورة التوصل إلى إعفاء نفسه أو غيره من خدمة عامة , فمن يحرر شهادة مصطنعة بحصول عاهة لشخص قاصدا تخليصه مما يلزمه بخدمة عامة يعاقب كل منها باعتبار فاعلا أصليا بشرط أن يتوفر القصد الجنائي لدى الذي حرر له الشهادة, و كذلك أن تصدر هذه الشهادة من الأطباء متى كان الغرض منها تحقيق منفعة لشخص ليس له الحق في الحصول عليها , و من ذلك كأن تصدر الشهادة من طبيب تثبت أن شخصا ما مريض أو مصاب بعاهة عقلية حتى تسقط أهليته , و لا يحكم عليه في الجريمة التي ارتكبها , و من ذلك أيضا من يحصل على شهادة تثبت أنه خال من الأمراض للتقدم لشغل وظيفة معينة , حيث يخفي الطبيب عمدا ذكر مرض يعاني منه الشخص يحول دون توليه هذه الوظيفة .
الفرع الثالث : حالة الامتناع عن تقديم مساعدة
تعد جريمة الامتناع عن تقديم مساعدة جريمة عمدية يتطلب المشرع لقيامها توافر ركنين إحداهما مادي و الآخر معنوي , و هي من الجرائم السلبية التي تناولها المشرع الجزائري في أحكام قانون العقوبات على أنه يعاقب بالحبس من ثلاث أشهر إلى خمسة سنوات , و بغرامة مالية , أولا مدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمدا عن تقديم المساعدة إلى شخص في حالة خطر كان في إمكانه تقديمها إليه بعمل مباشرة منه أو تطلب الإغاثة و ذلك دون أن تكون هناك خطورة عليه أو على الغير, و لهذا يجب لقيام الجريمة توفر ركنين هما :
أولا : الركن المادي
يتوافر بوجود شخص في خطر , و أن يكون هذا الخطر حالا , ثابتا و حقيقيا , بحيث يفرض على الغير ضرورة التدخل مباشرة
ثانيا : الركن المعنوي
يتمثل في توافر العلم و الإرادة لدى المتهم , بحيث يكونه المتهم عالما بوجود شخص في خطر , و يمتنع عن مساعدته .
و جريمة الامتناع عن تقديم المساعدة تتوافر في حق الطبيب بمجرد إخلاله بالالتزام بقواعد المادة الطبية أو الواجب الملقى على عاتقه , و ذلك بإسعاف مريض يواجه خطرا وشيكا , فالطبيب أو جراح الأسنان مسؤول عن كل عمل مهني يقوم به , و لا يجوز لأي طبيب أو جراح أسنان أن يمارس مهنته إلا تحت هويته الحقيقية , و يجب أن تحمل كل وثيقة يسلمها اسمه و توقيعه, و على هذا يجب أن اعتبار المريض المهدد بموت أكيد و حال في خطر , مما يتعين على الطبيب تقديم المساعدة له بقدر الإمكان .
الفرع الرابع : القتل بدافع الشفقة
يعرف القتل بدافع الشفقة بأنه وضع حد لحياة مريض لا يرجى شفاؤه , لتخليصه من آلامه مبرحة , و يشير هذا الموضوع قضية حرية الانسان في التصرف في حقه في الحياة , فهل له الحق في طلب إنهاء حياته أو إيقافها أو عدم استخدام الوسائل العلاجية بهـــدف الموت ؟ هل له حرية التصرف في روحه كما له هذه الحرية ي جسده؟ و هل في سبيل البحث عن مزيد من الحرية تنتهك القواعد الدينية و الأخلاقية و القانونية ؟
إنما وصل إليه الفهم الخاطئ لحرية التصرف في حق الإنسان في الحياة في بعض قوانين الغرب لدرجة المساواة الحق في الحياة بالحق في ملكية العقار و المنقول منطق لا يمكن قبوله .
إن عدم تجريم القتل بدافع الشفقة يمثل تفسيرا تشريعيا خطيرا يجب التوقف عنه كثيرا سواء تجريم القتل بدافع الشفقة الإجابي أو السلبي , فالقتل بدافع الشفقة الاجابي يتمثل في انهاء الحياة , و السلبي يتمثل في الحق بالموت في شكل طبيعي دون تدخل صناعي علاجي يطيل الحياة , فمسؤولية الطبيب قائمة و التزامه بقصد العلاج نحو مريضه يجب أن يظل أهم التزاماته على الإطلاق , فحين يكون الطب ليس مجرد مهنة بل أمانة يجب أن يشعر المريض بالأمان لدى طبيبه , حتى لو كان المريض التشخيص يثبت عدم قابليته للشفاء , و يجب أن يظل الطب مساندا للحياة في مواجهة الموت فإن تجاوز الطبيب استثناء و أنهى حياة المريض بدافع إنساني تخفف مسؤوليته بالطبع عن القتل العمد, و إن مستقبل موضوع القتل بدافع الشفقة , في نطاق القانون الجنائي يجب أن ينظروا له بعين الحذر , و مما لا شك فيه أن القوى الدينية هي الحاسمة في تجريم القتل بدافع الشفقة , و يظل أمر الروح خالصا لله سبحانه و تعالى :" و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي.
حكم القتل بدافع الشفقة:
أولا : الرأي المؤيد للقتل بدافع الشفقة
يؤيد أصحاب هذا الرأي القتل بدافع الشفقة , و الحجة الطبية أن الطبيب إذا وصل إلى اليأس من الشفاء وفقا للمعايير الطبية المتعارف لحظة تشخيص المرض , يمكنه وضع حد لآلام المريض المعذب بإنهاء حياته , أما الحجة القانونية فتمثل في أن القانون لا يعاقب على الجريمة في حالة الإكراه المعنوي و بالتالي يمكن اعتبار أن القتل بدافع الشفقة يجد مبررا له في الإكراه و الضغط الذي يمارسه المريض على طبيبه بتوسلاته لكي يدفعه إلى إنهاء حياته اشفاقا عليه , كما أن القانون لا يعاقب على الانتحار , و القتل بمجرد الشفقة على المريض يقترب من المساعدة على الانتحار, و لا تقوم المسؤولية الجنائية للطبيب في حالة طلب المريض الميؤوس من شفائه بالتوقف عن علاجه و يأمر بإيقاف أجهزة الإنعاش الصناعي , في هذه الحالة بعد مسؤولية الطبيب قائمة و يعاقب عليها .
ثانيا : الرأي المعارض للقتل بدافع الشفقة
يرفض أصحاب هذا الرأي القتل بدافع الشفقة سواء إيجابي أو سلبي , فالحجة الطبية هي أن واجب الطبيب هو علاج الطبيب و هو ملزم ببذل قصار جهده لمحاولة شفائه , و ليس إنهاء حياته , أما الحجة القانونية التي اعتمدوا عليها أن الرضا لا يعد سببا في القتل حيث يتعلق الحق في الحياة بعدة حقوق هي حق الله , و حق الإنسان ثم الشفقة .
و هناك أمثلة عديدة للقتل بدافع الشفقة وقعت في الحياة العملية منها :
- في سنة 1966 وقعت إحدى المحاكـم مبــدأ فاصـلا أن طبيبا حســـن النية (a well intrenationed physicien) يمكن أن يكون مسؤولا جنائيا باعتباره قاتلا عند ممارسته لقتل الرحمة.
- في سنة 1950 برأ طبيب كان قد حقن مريضا بالسرطان على شفا الموت بكمية من الهواء قضت عليه .
- في جنوب إفريقيا اعتبر طبيب قاتلا لأبيه البالغ من العمر 87 سنة , و المريض بالسرطان بحيث لا يستطيع المشي و لا الكلام و لا الأكل و لا قضاء الحاجة , مع ذلك قد حكم عليه بالحبس سنة واحدة مع وقف التنفيذ.
المطلب الثاني : مسؤولية الطبيب عن استعمال الأساليب و السبل العلمية الحديثة
مما لا شك فيه أن العلوم الطبية تعرف تطورا مذهلا , إذ توصل الطب المعاصر إلى علاج الكثير من الأمراض التي تحصد البشرية حصدا .
و قد نجم عن هذا التطور خلق مشاكل تتعلق بالمسؤولية الجنائية للأطباء الناشئة عن استخدام الوسائل العلمية الحديثة في الطب يكيف يمكن إثبات مسؤولية الأطباء في أمور حديثة يصعب تقدير درجة و نوع الخطأ فيها .
الفرع الأول : مسؤولية الطبيب الجنائية عن الجراحة التجميلية
لقد أدى التقدم الطبي إلى إيجاد قسم خاص من الطب هو الطب التجميلي و العمليات الجراحية التي تجرى تحت اسم التجميل , غير أن القضاء في بداية الأمر إتخذ موقفا عدائيا من جراحة التجميل و اعتبر أن مجرد الإقدام على علاج لا يقصد به إلا تجميل الشخص يعد خطأ في ذاته, و يتحمل الطبيب سببه كل الأضرار التي تنتج عن العلاج , حتى لو أجري ذلك طبقا لقواعد العلم و الفن الصحيحين , إذ ليس هناك ما يبرر إجراء جراحة تنطوي على قدر من الخطورة لمجرد إصلاح شكل الإنسان دون أن تكون هناك ضرورة تستدعي شفائه من مرض , إلا أن تطور الفكر الإنساني غير موقف القضاء , و قام بإخضاع جراحة التجميل لنفس المبادئ العامة في المسؤولية التي تخضع لها العمليات الجراحية بشكل عام , إلا أن نظرا للطبيعة الخاصة لجراحة التجميل فإن القضاء قد تشدد بصدد لمسؤولية الطبية في هذا المجال .
و تنقسم عمليات التجميل إلى قسمين :
1- ما سمى بالجراحة البديلة التعويضية كترقيع الجلد فهي ضرورية و تهدف إلى إصلاح التشوهات و العيوب الحيوية الناجمة عن الحوادث و الأمراض و يخضع هذا النوع الحيوي للقواعد العامة في تحديد مسؤولية الطبيب حيث يلتزم ببذل عناية دون تحقيق نتيجة .
1- أما النوع الثاني من جراحة التجميل فيشمل عمليات إضفاء الصفة الجمالية على خلقة الإنسان العادية و جعله يبدو أكثر شبابا لأسباب فنية أو نفسية (كإزالة تجاعيد الوجه) و هي عمليات ذات طابع كمالي لا تتسم بالضرورة الملحة و العجلة , لذا يبدو التشدد فيها واضحا , و ذلك إلى حد استعماله لغة تقترب من التزام الطبيب بتحقيق نتيجة , فقد قضت محكمة باريس بأن النتيجة فقط هي التي تبرر التدخل الجراحي بهدف التجميل , فنظرا إلى أن تلك الجراحة لا تستلزمها صحة المريض , فعلى الطبيب أن يمنع عن التدخل إذا ما قامت هناك مخاطر للفشل و لم يتم تحذير المريض منها , فينبغي على الطبيب عدم القيام بالعملية , إلا إذا كان واثقا من نجاحها , لأن الأمر ليس على درجة من الحيوية التي تتعلق بها حياة المريض أو صحته .
و أخيرا فمن المستحسن على الطبيب أن يحصل على رضا مريضه , و إقراره كتابة بعمله بكافة المخاطر المتوقعة .
الفرع الثاني : المسؤولية الجنائية عن الإنعاش الإصطناعي
أثبتت الاكتشافات الحديثة أن علم الطب تجاوز حدود الأعمال الطبية التقليدية , بحيث دخل في معالجة الأمراض المزمنة و المستعصية , و بذلك أنقذ آلاف البشر من الموت المحقق , و سبب هذا التطور الوسائل المكتشفة , و التي من بينها أجهزة الإنعاش الصناعي , تغيير للقلب و الجهاز التنفسي عمليهما و نشاطهما بحيث ينتهي في أغلب الأحيان إلى عودة المريض إلى الحياة الطبيعية .
و السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : ما مدى مسؤولية الطبيب الجنائية في حالة إيقاف عمل هذه الأجهزة عن المريض ؟ و هل يشكل فعله هذا جريمة طبقا لأحJJكام قانون العقوبات ؟
بما أن الطب الحديث قد استقر على أن موت خلايا المخ هو المعيار المعتمد حقيقة لتحديد الموت , و على ذلك فالشخص الذي لم تمت خلايا مخه يعتبر حيا في نظر الطب و القانون حق و لو فقد كل إدراكه بالعالم الخارجي , و هذا يبرر تدخل الطبيب المختص باستخدام أجهزة الإنعاش الصناعي لإنقاذ حياته حتى لا تموت خلايا مخه .
و تطبيقا لذاك , فإن أقدم الطبيب المختص بالإنعاش بإيقاف عمل أجهزة الإنعاش الصناعي , فإنه يكون مرتكبا لجريمة القتل العمدي , على إنسان حي حتى و لو كان دافعه إلى ذلك التعجيل بموت هذا المريض لاستحالة شفائه , من ثم يكون الطبيب في هذا قد خالف القاعدة الطبية التي تقرر أن واجب الطبيب هو شفاء المريض , و ليس قتله هذا من جهة , و من جهة ثانية فإن دور الطبيب يكمن في المحافظة على الحياة أو ما تبقى منها و ليس في إطفاء شعلة الحياة هذا استنادا إلى ما جاء في مدونة أخلاقيات المهنة بحيث يقدر الطبيب العلاج تحت مسؤوليته الخاصة , إذا تطلب الأمر تقديم علاج مستحيل لإنقاذ حياة أحد القصر أو أحد الأشخاص العاجزين أو الذين يستحيل عليهم التعبير عن إرادتهم.
فهذا المريض يعد في حالة خطر تستوجب بذل الطبيب العناية اللازمة لهـــــذا الأخير ,و إلا كان مرتكبا لجريمة الامتناع عن تقديم مساعدة و بالتالي تطبق عليه الأحكام .
الفرع الثالث : تجربة طفل الأنابيب
منذ أكثر من عشرة سنوات ظهرت في مجلة التجربة الطبية فكرة طفل الأنابيب , لعلاج العقم عند الزوجات , فطفل الأنابيب ليس إلا نوع من أنواع التلقيح الصناعي حسب المفهوم القديم , أما حاليا فقد اتسع التلقيح الصناعي , ليشمل زرع المبيض , و نقل الأجنة ... و هذا النوع من التلقيح له عدة صور :
الصورة الأولى : و هي التي يتم فيها التلقيح بين بويضة الزوجة و مني زوجها , أين يكون الإخصاب في الأنبوبة ثم تعاد البويضة الملقحة لرحم الزوجة ,ليتم نمو الجنين حتى ولادته , و هي صورة مشروعة لتوافر قصد العلاج , و من ثم لا يسأل الطبيب جنائيا عنها إذا توافرت شروط مشروعية العمل الطبي .
و قد أفتت وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية في الكويت بمشروعية هذه الصورة من التلقيح , بشرط إتخاذ إحتياطات مشددة لتأمين عدم الإختلاط العائلي .
الصورة الثانية : في حالة زوجة عقيمة يتم الاستعانة هنا ببويضة من إمرأة أخرى .
الصورة الثالثة : تكون في حالة زوجين عقيمين , و يتم الإستعانة ببويضة ملقحة أجنبية عن كليهما .
و هاتين الصورتين (2 , 3 ) منافيتين للأخلاق العام و الآداب و الدين , و بالتالي عدم جواز استخدامها , و يسأل جنائيا هنا عن أفعاله التي يرتكبها على المجني عليه ,, مسؤولية عمدية لانعدام قصد العلاج , و هو أحد مشروعية العمل الطبي .و نفي مسؤولية الطبيب .
الصورة الرابعة : و هي حالة زوجين سليمين , لكن الزوجة لا تتحمل الحمل لإصابتها بمرض ما , فهنا يأجر رحم إمرأة أخرى غير الزوجة تسمى الحاضنة , و بعد الولادة ترد الطفل إلى أمه , و هذا ما يطلق عليه بالرحم المؤجر .
و هذه الصورة غير مشروعة , إذ أن التبني محرم شرعا , و من ثم يكون غير مشروع قانونا أما الرحم المؤجر فهو غير مشروع لوجود شبهة الزنا , فلا يجوز وضع منى رجل في رحم إمرأة غير زوجته .
و أخيرا نشير إلى أن المشرع الجزائري لم يقرر أحكاما تخص هذا الموضوع , رغم أهميته لما يترتب عليه من إختلاط الأنساب و الإخلال بالقواعد الشرعية في الميراث , و هدم الروابط العائلية التي تقوم على أساس وحدة الدم و التسلسل الطبيعي بين الأصول و الفروع .
الفرع الرابع : نقل و زرع الأعضاء البشرية
ينبغي علينا في بادئ الأمر التسليم بأنه من المتفق عليه شرعا و قانونا, لا يجوز مطلقا التصرف في عضو من الجسد ليس هناك له بديل كالقلب , أو عضو يؤدي وظيفة هامة تؤثر على حياته , أو يعرض الجسم لعجز شديــد أو دائم , فمثل هذا التصرف سواء تم بطريق البيع , أم على سبيل التبرع لدواعي إنسانية أو عاطفية يعد باطلا , لأنه يتطابق مع النموذج القانوني لجرائم الإعتداء على سلامة الجسم مما يستوجب المسؤولية الجنائية للطبيب , و على ذلك يتعين البحث عن سبب قانوني لإباحة عملية نقل الأعضاء.
و قد يتنازع الفقه بالنسبة لإباحة هذه العملية , فمنهم من يذهب إلى اعتبار الضرورة سبب لإباحة نقل عضو من جسد إنسان حتى يزرعه في جسد مريض يوجد أمام خطر وشيك الوقوع , و لا بديل لتفاديه إلا بارتكاب فعل محظور مخالفا لقانون العقوبات , حيث لا يجوز انتزاع الأعضاء البشرية , إلا في حالة العلاج و ذلك و لقد سمح القانون الوصفي إجراء بعض العمليات و المساس بجسم الإنسان , و لكن قيد ذلك بشروط ألا يؤدي هذا التصرف إلى انتقاص دائم في الكيان الجسدي , و أن لا يخالف هذا التصرف قواعد النظام العام و الآداب , و إلا كان باطلا , و كذلك موافقة من بوشر العمل على جسمه رضا صحيحيا لا يشوبه تدليس أو إكراه , و ذلك بموافقة أن ينزع عضو من جسده مع تبصره بكافة النتائج المترتبة على هذا الفعل. و حالة الضرورة هي أساس مشروعية عمليات نقل و زرع الأعضاء البشرية , فإذا توافرت شروطها عند الاستئصال فلا مسؤولية من الناحية الجنائية .
و منهم من اعتبرها مصلحة اجتماعية مقترنة برضا المعطي و بالتالي فإن مشروعية عملية نقل و زرع الأعضاء يقوم على فكرة المصلحة , فالحق في سلامة الجسم هو المصلحة التي يعترف بها القانون لكل فرد